حين سئل ابن شمس عن التركيب، ممن يطلق هذا اللفظ على إثبات الصفات، قال على عَجل: الله ليس مركبًا لأنَّ المركب من أجزاء منفصلة، ولكنه لما أراد الرد على غيره حين نفى التحيّز والجسمية، وهو يقول: لا يقصد بهذا التفويض ولا التأويل، قال ابن شمس: هذه ألفاظ لا يطلقها السَّلف وهذا خطأ لأنها في عرف الأشعرية تطلق على نفي العلو! كأنَّ نفي التركيب عند الإمامية يطلق على غير نفي حقيقة الألفاظ الواردة في الصفات، وقد نفاه في حديثه مع واحد منهم!
فلا ميزان ولا منهج، بل إنَّ بعض من اعتذر عنه في موضوع التركيب، قال: هناك معنى لغوي وآخر كلامي للتركيب: كأنَّه يصح وفق هذا نفي كل ما له معنى في اللغة، فالجسم له معنى لغوي وآخر كلامي، والحيِّز له معنى لغوي وآخر كلامي، أيفهم من هذا جواز نفيها متى قال القائل أطلقها بمعناها اللغوي، ومع ذلك لم يرتضِ نفيها ابن شمس، بحجة أنَّ النفي لم يطلقه السلف.
وذكر أحدهم كلامًا للدارمي (٢٨٠هـ) للاعتذار عن ابن شمس حين نفى التركيب، على أنَّ الدارمي يجعل هذه الألفاظ بابًا واحدًا، فقال في نقضه: “ذكر الجسم والفم واللسان خرافات وفضول مرفوعة عنا لم نكلَّفه في ديننا، ولا يشك أحد أنَّ الكلام يخرج من المتكلم، وأمّا قولك: إنه جزء منه، فهذا أيضًا من تلك الفضول، وما رأينا أحدًا يصفه بالأجزاء والأعضاء جلَّ عن هذا الوصف تعالى”.
فمن فهم من هذا نفي الأجزاء والتركيب، فليفهم منه نفي الجسم والفم واللسان، وإلا فلا هذا ولا ذاك، لا بالتخليط الذي يعمد إليه من شاء أن يعتذر عن نفسه، فيتكلَّف كل صعب وذلول للإيهام بجواز القول: إنَّ الله ليس مركبًا، ثم يتعنّت في غيره متى قال: إنَّ الله ليس متحيزًا ولا جسمًا، لكنه دوران في فلَك شخصه، فما قاله يلتمس له المعاذير، ويتكلَّف له الوجوه، ولغيره الإدانة.
قوله: (نحن نقول) يضحي من باب حكاية قول (أهل السنة)، أما غيره (يرددون كلام المبتدعة) في باب واحد ذي معايير واحدة، هو غير ملزم بالتقيّد بألفاظ (السلف) فيه لكنَّ أهل المعمورة ملزمون بهذا! لهم الخطأ وله الصواب، له كل حلوة ولغيره كل مرة!